وكالات
سلّط تقرير صادر عن مؤسسة “جي آي إس” الأوروبية الضوء على الدور المتصاعد لجمهورية مصر العربية في السياسة الإقليمية، معتبرًا أن الدبلوماسية المصرية تشهد تجددًا استراتيجيًا يعكس رؤية شاملة تتجاوز إدارة الأزمات إلى إعادة تشكيل توازنات المنطقة.
مصر كوسيط ذكي في أزمات غزة وسيناء
أبرز التقرير الأداء المرن والذكي للدبلوماسية المصرية في إدارة أزمات غزة، حيث استفادت القاهرة من موقعها الجغرافي وصلاتها الوثيقة مع جميع الأطراف المعنية، لتتجاوز دور الوسيط التقليدي نحو دبلوماسية نشطة شملت التفاوض والضغط وتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد.
كما أشاد بدور مصر في سيناء، حيث دمجت بين المواجهة الأمنية الشاملة وبرامج التنمية المستدامة، في نموذج متكامل يسهم في تقليص جذور التطرف وتعزيز الاستقرار.
الاقتصاد والتحديات الدبلوماسية: تفاعل معقد
تناول التقرير تأثير التحديات الاقتصادية، مثل تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، على السياسة الخارجية المصرية. ولفت إلى أن القاهرة تبنّت نهجًا متعدد المستويات، شمل الحفاظ على علاقات متوازنة مع القوى الكبرى، وضمان أمن الغذاء والطاقة، واستغلال موقعها الاستراتيجي لتحويل الأزمات إلى فرص دبلوماسية تعزز مكانتها الإقليمية.
بين واشنطن وموسكو: دبلوماسية التوازن
في ظل التصعيد بين الولايات المتحدة وروسيا، أشار التقرير إلى نجاح مصر في الحفاظ على علاقات متوازنة مع القوتين العالميتين، مما منحها هامشًا أوسع للمناورة واستقلالية في القرار السياسي. هذا التوازن، وفق التقرير، ليس خيارًا مؤقتًا بل استراتيجية طويلة الأمد ترتكز على المصلحة الوطنية واستغلال التناقضات الدولية.
سيناء: مكافحة الإرهاب بنموذج متكامل
استعرضت الدراسة جهود مصر في سيناء، موضحة أن المعركة ضد الإرهاب لم تقتصر على الجانب العسكري، بل شملت تحركات دبلوماسية دولية ومبادرات تنموية محلية. واعتبر التقرير أن هذا النهج عزّز من مصداقية مصر دوليًا، وساهم في تحسين الأوضاع المعيشية، ما يعكس استراتيجية أعمق في محاربة الإرهاب.
أزمة غزة 2023: إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية
أشاد التقرير بالدور المصري في أزمة غزة الأخيرة، مؤكدًا أن القاهرة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة الإقليمية والدولية. حيث لم تقتصر الوساطة المصرية على وقف إطلاق النار، بل شملت دعمًا صريحًا للحقوق الفلسطينية، ورفضًا قاطعًا لمشاريع التهجير القسري، فضلًا عن المساهمة في جهود إعادة الإعمار.
دبلوماسية فعالة في السودان وليبيا
استعرض التقرير الدور المصري المتنامي في إدارة أزمات السودان وليبيا، مشيرًا إلى اعتماد القاهرة على نهج دبلوماسي يرتكز على الحوار، التفاهم، واستخدام أدوات ضغط سياسي مدروسة لبناء تحالفات داعمة للاستقرار. هذا التوجه يعكس سعي مصر لتوسيع نفوذها وتأثيرها في محيطها الاستراتيجي.
رؤية استباقية لمستقبل الشرق الأوسط
أكد التقرير أن السياسة الخارجية المصرية تستند إلى استراتيجية استباقية تهدف إلى تعزيز الأمن الداخلي، بناء تحالفات دولية قوية، ودفع عجلة التنمية المستدامة. هذه المقاربة تمنح القاهرة قدرة متزايدة على التأثير في تشكيل مستقبل المنطقة رغم التحديات المستمرة.
من كامب ديفيد إلى النزاعات الحديثة
استرجع التقرير الدور التاريخي لمصر في الوساطة الإقليمية، بدءًا من اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، وصولًا إلى جهودها الحالية في غزة والمنطقة. وبيّن كيف ساعد الموقع الجغرافي والعلاقات الدولية المتوازنة القاهرة في الحفاظ على نفوذها رغم الأزمات الاقتصادية.
من الأزمة إلى الفرصة: قراءة في التداخل الاقتصادي والدبلوماسي
اختتم التقرير بتسليط الضوء على قدرة مصر على استثمار التحديات الاقتصادية الصعبة — من ارتفاع التضخم إلى نقص الموارد — كحوافز لتطوير سياستها الخارجية وإعادة صياغة علاقاتها الدولية. وخلص إلى أن هذه الديناميكية تمثل نموذجًا في المرونة السياسية والقدرة على تحويل الأزمات إلى فرص لتعزيز الاستقرار الإقليمي.