صارَ يَستولي على الشعوب العربية بأكملها مِيلٌ وكأنه أسلوب حياة في الإنفاق المفرط في الأعياد والمناسبات الاجتماعية والاحتفالات، وكذلك البذخ في الطعام خلال شهر رمضان وغيرها من كل هذه المظاهر السلبية.
وفي رِحلة البحث عن طريقة معيشة المجتمعات الغربية وطريقة إنفاقها على المناسبات الاجتماعية وغيرها من الاحتفالات نجد أنَّ الوضع مختلفاً للغاية من ناحية اتجاههم الرئيسي نحو الإنفاق على ما يتم استخدامه فقط وليس الإفراط الذي نشهده في المجتمعات العربية، وهذا سِر من أسرار نجاحهم.
وللتأكد من هذا الحديث، عندَّ متابعتنا للمواطنين المقيمين في المجتمعات الغربية نجد أنهم عندما يذهبون إلى محلات الخضار والفاكهة فـ يتجهون نحو شراء الخضار والفاكهة بنظام الواحدة أو الإثنين وليس بطريقة الكيلو..
والأمر نفسه ينطبق على احتفالاتهم وأعيادهم وعزوماتهم بخلاف المجتمعات العربية، التي تتعمد الإسراف بطريقة مبالغ فيها حتى لو كانت هذه الفئات من الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
قد ما نرصده في المجتمعات الغربية يُمثل الواقع الحقيقي لهم حتى نتعلم منهم طريقة تفكيرهم في التعامل مع طريقة الشراء والحياة بشكل عام.
تُقلق مشاهد البذخ والإسراف في موائد الطعام الذي نراها بصورة دورية كل عام من شهر رمضان وكذلك في الاحتفالات والعزومات.. ويتضاعف القلق أكثر عندما نرى هذه المشاهد من الطبقات الفقيرة التي مكثت أعوامًا في التحضير والإعداد لهذه الأموال.
ووسط مظاهر البذخ، لا شيء يُحيرنا أكثر من الأشخاص التي تلجأ إلى القروض والأقساط للقيام بمثل هذه المظاهر والاحتفالات التي تنتهي في بضع ساعات، وفي الوقت نفسه يمكث الشخص صاحب المناسبة شهورًا يُسدد في مثل هذه القروض والأقساط.
صحيح أنَّ المواطن بحاجة ماسة إلى مثل هذه الاحتفالات والعزومات لكن بطريقة متوازنة، لِكون التوازن هو الخيار الأمثل للحفاظ على ميزانية الأسرة دون اللجوء إلى القروض أو الشراء بنظام التقسيط.
نحن بحاجة كـ مجتمعات عربية إلى برامج ومسلسلات تُغذي ثقافة الحد من التبذير في العزومات والأفراح، لأن نوعية مثل هذه البرامج قد تُساهم في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وفي الوقت نفسه عدم إرهاق ميزانيات الأسر سواء في الوقت الحالي أو فيما هو قادم.
وليس منتظرًا من المجتمعات العربية أن تمنع مثل هذه الأمور لأن ما ننتظره منهم هو الاقتصاد في الهدايا وفي إقامة الحفلات والعزومات وكذلك تقليل الهدر في الطعام والاستفادة من الموارد المتاحة وذلك بهدف تخفيف العبء المالي عليهم وحتى لا يتم إرهاق ميزانياتهم.
قد يرى البعض هذا الحديث ولا يُعيره أي اهتمام رغم أنه من أبرز القضايا الملحة التي يجب مناقشتها، لأن مخاطر هذه المظاهر كبيرة ليس على الأسر فقط ولكن على الاقتصاد ككل من ناحية حدوث تضخم وارتفاع في الأسعار وحدوث عجز في الميزان التجاري وما إلى ذلك.
لذلك ما نطالب به هو ضرورة التوعية بمخاطر الاستهلاك المفرط والشراء العشوائي، لأن الإنفاق المفرط في المناسبات والاحتفالات والأعياد ظاهرة خطيرة تُهدد الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة ككل.