وسط جبال قرية العفادرة بمحافظة أسيوط، احتمى محمد محسوب إبراهيم أحمد، المعروف بلقب «خط الصعيد الجديد»، مع عصابته في معقلهم الحصين، مستعدًا لجولة جديدة من المواجهات العنيفة مع قوات الأمن. لكن هذه المرة، لم يكن هناك مهرب. بعد اشتباكات عنيفة، انتهت أسطورة محسوب وأعوانه بمقتله، ليطوى بذلك فصل جديد من فصول الجريمة في صعيد مصر.
لم يكن محمد محسوب سوى امتداد لسلسلة طويلة من المجرمين الذين حملوا لقب «خط الصعيد»، وهو الاسم الذي لطالما ارتبط بأخطر الخارجين عن القانون في الجنوب. بدأت الحكاية مع محمد منصور، الذي أسس هذه الأسطورة في أوائل القرن العشرين، وتتابعت عبر أسماء مثل نوفل سعد، عزت حنفي، يحيى كامل، وغيرهم، ممن أرعبوا الصعيد قبل أن يلقوا مصيرهم المحتوم.
محمد منصور.. أول “خط” في تاريخ الصعيد
يُعد محمد منصور أول من حمل لقب «خط الصعيد»، وكان أحد أخطر المجرمين الذين شهدتهم مصر في القرن العشرين. وُلد في قرية درنكة بأسيوط في أربعينيات القرن الماضي، ولم يكن مجرد مجرم عادي، بل زعيم عصابة مسلحة فرضت سيطرتها على القرى والطرق الرئيسية، واتخذت الجبال معقلًا لها بعيدًا عن أعين القانون.
بدأت قصته عندما دخل في صراع دموي مع شيخ خفراء قريته، أسفر عن مذبحة أودت بحياة العشرات، ليصبح بعدها مطلوبًا للثأر والعدالة، ويهرب إلى الجبال مع أشقائه. هناك، كوّن تنظيمًا مسلحًا يضم المطاريد والفارين، وبدأ في تنفيذ عمليات نهب وقتل وفرض إتاوات على القرى. لم تقتصر جرائمه على المناطق الريفية، بل امتدت إلى استهداف سيارات المسؤولين الحكوميين وإطلاق النار عليها في تحدٍّ مباشر للدولة.
محاولات القبض عليه باءت بالفشل مرارًا، حيث تمكن من الإفلات من حملات أمنية متعاقبة، حتى قررت السلطات وضع خطة محكمة بالتعاون مع الأهالي وبعض رجال الأمن السريين. انتهت المطاردة بمعركة دامية استمرت لساعات، انتهت بمقتله، ليسدل الستار على أول من حمل لقب «خط الصعيد»، وإن لم يكن الأخير.
عزت حنفي.. إمبراطور المخدرات في النخيلة
على عكس محمد منصور، لم يكن عزت حنفي مجرد مجرم تقليدي، بل رجلًا بنى إمبراطورية إجرامية في جزيرة النخيلة بأسيوط، حيث حوّلها إلى مركز رئيسي لزراعة المخدرات، مدججًا رجاله بأسلحة ثقيلة، شملت بنادق آلية وقذائف «آر بي جي».