في ظل الظروف الصحية الصعبة التي يمر بها السيناريست الكبير بشير الديك، بعثت النجمة يسرا برسالة إلى الكاتب الكبير، قائلة: “ألف سلامة عليك، ويا رب ترجعلنا بألف سلامة”.
يُعتبر السيناريست والمخرج بشير الديك من أبرز صناع السينما في مصر. وُلِد في قرية الخياطة بمحافظة دمياط، وكانت نشأته في بيئة شعبية لها تأثير كبير على رؤيته الفنية، حيث كانت أعماله تجسد نبض الشارع المصري وتحتوي على واقعية إنسانية تلامس قلوب الجمهور.
بدأ بشير الديك مسيرته الفنية في السبعينيات، حيث تعاون مع كبار المخرجين والنجوم مثل عاطف الطيب، أحمد زكي، ونور الشريف. تميزت أسلوبه في كتابة السيناريو بالقدرة على الجمع بين العمق الاجتماعي والسياسي والبساطة في السرد، مما جعل أعماله قريبة من الناس ومؤثرة. كما ركزت أعماله على قضايا الإنسان البسيط، ومعاناته اليومية وآماله، ليصبح أحد أبرز الأصوات التي جسدت واقع المجتمع المصري.
على الرغم من أن بشير الديك قد أخرج فقط فيلمين طوال مسيرته، هما “الطوفان” بطولة محمود عبد العزيز و”سكة سفر” بطولة نور الشريف، إلا أنه نجح في تقديم رؤية سينمائية تحمل بصمته المميزة. وبعد فترة غياب طويلة عن السينما، عاد بشير الديك في عام 2010 من خلال فيلم “الكبار” الذي أخرجه محمد جمال العدل.
تُعتبر أعمال بشير الديك بمثابة مرآة صادقة لواقع المجتمع المصري، حيث تناولت قضايا طالما تم تهميشها في السينما السائدة. لم يكن مجرد كاتب سيناريو أو مخرج عادي، بل كان فنانًا منحازًا للإنسان البسيط، يسلط الضوء على معاناته ويُدافع عن قضاياه.
من أبرز أعماله التي تجسد الواقعية الإنسانية فيلم “سواق الأتوبيس”، و”ضربة معلم”، و”ضد الحكومة”، و”ناجي العلي”، و”ليلة ساخنة”. كما كتب أيضًا فيلمي “موعد على العشاء” و”الحريف”، مما يعكس تميز بشير الديك في تقديم قضايا الإنسان البسيط من خلال رؤية سينمائية عميقة.
كما أبدع في أفلام أخرى مثل “امرأة هزت عرش مصر”، و”حلق حوش”، و”أبناء الشيطان”، و”الجاسوسة حكمت فهمي”، بالإضافة إلى العديد من المسلسلات الناجحة التي حققت جماهيرية كبيرة مثل “الناس في كفر عسكر”، و”أماكن في القلب”، و”ظل المحارب”، و”حرب الجواسيس”، و”عابد كرمان”، و”الطوفان”.
بفضل عبقريته الفنية، أصبح بشير الديك أحد أعمدة السينما الواقعية في مصر، وترك إرثًا فنيًا خالدًا يعبر عن آلام وتطلعات المجتمع المصري. لا تزال أعماله تحظى بتقدير كبير، ليس فقط لأنها تعكس واقعًا اجتماعيًا وسياسيًا، بل لأنها تجسد فنًا صادقًا ينبع من الناس ويعود إليهم.