تربية المراهقين ليست بالمهمة السهلة، بل إنها مرحلة مليئة بالتحديات والانفعالات التي قد تتجاوز في بعض الأحيان قدرة الأهل على التحمل أو الفهم. ومع تزايد ما يُعرف بجيل “الاندر إيدج” (Generation Underage)، لوحظ ارتفاع معدلات السلوك العنيف والمتهور في أوساط المراهقين، مما يطرح تساؤلات عديدة حول أسباب هذا التغير وكيفية التعامل معه.
سلوكيات المراهقين العنيفة

في حديثها أكدت د. سلمى أبو اليزيد، استشاري الصحة النفسية، أن الطفل لا يُولد عنيفًا، بل إن العنف يُكتسب من البيئة المحيطة والتجارب التي يمر بها. وأشارت إلى أن المراهق العنيف غالبًا ما يعاني من مشاكل سلوكية أو نفسية أو تعليمية تتجاوز المألوف، مثل اللجوء إلى الشرب، المخدرات، التغيب عن المدرسة، إيذاء النفس، أو حتى السرقة.
وتوضح د. سلمى أن هذه التصرفات قد تكون مؤشرًا على مشاكل أعمق، مثل الاكتئاب، القلق، اضطرابات الأكل، أو تأثر الطفل بالعلاقات الأسرية المتوترة. وهنا تكمن أهمية أن يكون الوالدان قادرين على التفريق بين التصرفات المراهقة العادية والسلوك المضطرب الذي يستوجب التدخل.
وتضيف أبو اليزيد أن المراهقين يقرأون المشاعر بشكل مختلف عن البالغين، إذ يعتمدون على اللوزة الدماغية — مركز ردود الفعل العاطفية — بدلاً من القشرة الدماغية التي يستخدمها الكبار. وهذا يجعلهم أكثر عرضة لإساءة فهم تعبيرات الوجه، وخاصة تفسير المشاعر على أنها غضب، مما يؤدي إلى توتر أو صدامات متكررة مع المحيطين.
أما عن التغيرات الظاهرة في مظهر المراهق، مثل صبغ الشعر أو اختيار ملابس ملفتة، فتؤكد د. سلمى أنها لا تستدعي القلق إلا إذا ترافقت مع مؤشرات سلبية أخرى، مثل مشاكل في الدراسة، إيذاء النفس، أو تغيرات سلوكية حادة.
وتختم نصيحتها بضرورة تقبُّل الأبناء، والحرص على مصاحبتهم والاستماع إليهم دون إصدار الأحكام، لأن هذا التقارب هو السبيل الأهم لاكتشاف أسباب أي سلوك غير معتاد ومعالجته مبكرًا. كما توصي بضرورة اللجوء إلى مختصين نفسيين حال ملاحظة استمرار السلوكيات السلبية، لضمان حصول المراهق على الدعم النفسي السليم.