في خطوة تعكس التزامه الصارم بالمعايير الأخلاقية والإنسانية، أعلن الصندوق السيادي النرويجي، الأكبر من نوعه في العالم، عن سحب استثماراته بالكامل من شركة “باز” الإسرائيلية المتخصصة في توزيع الوقود والطاقة، وذلك بسبب تورط الشركة في تشغيل بنية تحتية تزود المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية بالوقود.
وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت أن قرار الصندوق جاء بناءً على توصية من “مجلس الأخلاقيات” التابع له، والذي يتولى تقييم مدى التزام الشركات التي يستثمر فيها الصندوق بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي. وأوضح المجلس أن نشاط “باز” يُسهم في “إدامة وجود المستوطنات التي تُعد انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي”.
وتُعد هذه الخطوة الثانية من نوعها التي يتخذها الصندوق تجاه شركات إسرائيلية، حيث سبق له في ديسمبر الماضي أن سحب استثماراته من شركة الاتصالات الإسرائيلية “بيزك” لنفس الأسباب.
أكبر صندوق سيادي في العالم
يمتلك الصندوق السيادي النرويجي، الذي يُدار من قبل البنك المركزي النرويجي بتفويض من البرلمان، حصصًا في حوالي 9,000 شركة حول العالم، ويمثل ما يقارب 1.5% من إجمالي الأسهم العالمية. ويُعتبر من أبرز الكيانات المالية العالمية التي تتبنى مبادئ الحوكمة الرشيدة، والتنمية المستدامة، واحترام القانون الدولي.
خلفية قانونية وأخلاقية
قرار الصندوق يأتي في سياق تصاعد الضغوط الدولية على الشركات التي تواصل ممارسة أنشطة اقتصادية في المستوطنات الإسرائيلية، والتي اعتبرتها محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة في حكم أصدرته العام الماضي “غير قانونية”، داعية إلى انسحاب إسرائيل الفوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية.
وأكدت المحكمة أن على المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، الامتناع عن الاعتراف بشرعية الأوضاع الناتجة عن الاحتلال والمستوطنات، وهو ما دعم موقف الصندوق النرويجي في مراجعة التزاماته الأخلاقية تجاه استثماراته.
تدقيق واسع وتوصيات قيد الدراسة
وكان مجلس الأخلاقيات التابع للصندوق قد أعلن في مارس الماضي عن إطلاق مراجعة شاملة لأنشطة الشركات العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في أعقاب اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023. ووفقاً للبيانات، جرى تقييم نحو 65 شركة تعمل في مجالات تشمل الطاقة والبنية التحتية والسياحة والمصارف.
ورغم أن المجلس لم يُصدر بعد توصيات بسحب استثمارات من شركات إسرائيلية أخرى، إلا أن الخطوات الأخيرة تشير إلى توجه واضح نحو تقليص الصندوق علاقاته الاستثمارية مع أي كيانات يُشتبه في تورطها في أنشطة تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.
خلاصة:
يعكس قرار الصندوق السيادي النرويجي تصاعد الحراك العالمي لمساءلة الشركات والمؤسسات الاقتصادية عن مدى التزامها بالمعايير الأخلاقية في مناطق النزاع والاحتلال، في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى محاسبة الجهات المتورطة في دعم الأنشطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.