قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن بلاده ترغب في أن يفرج صندوق النقد الدولي عن قرض قيمته 1.9 مليار دولار لتونس، إذ تخشى أن يؤدي نقص السيولة إلى زعزعة استقرار الدولة الأفريقية وانطلاق موجة جديدة من المهاجرين نحو أوروبا.
وتوقفت محادثات حزمة الإنقاذ بين تونس وصندوق النقد الدولي منذ شهور وسط مطالبة الولايات المتحدة ودول أخرى للرئيس التونسي قيس سعيد بإصلاحات واسعة كشرط للإفراج عن الأموال.
وتعثرت الجهود الرامية للحصول على حزمة الإنقاذ نتيجة الاضطرابات السياسية التي تشهدها تونس منذ يوليو تموز 2021 عندما سيطر سعيد على معظم السلطات وحل البرلمان واتخذ خطوات للحكم بموجب مرسوم.
ولم يعلن الرئيس التونسي أبدا دعمه للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مما جعل المانحين قلقين من احتمال أن يتراجع عن
الإصلاحات في نهاية المطاف بعد الحصول على الأموال أو يلقي باللوم عليها في أي مشكلة اقتصادية تنتج عنها.
ومع ذلك تحدث تاياني مع كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي وحثها على إبداء المرونة لتفادي الانهيار المالي المحتمل.
وقال تاياني لرويترز “أكدت مجددا ضرورة تدخل الصندوق بسرعة بدعم اقتصادي ومالي من أجل استقرار ونمو تونس”.
وبحث الوزير الإيطالي المشكلة أيضا مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن وأثار المسألة مع نظيريه في سلوفينيا وكرواتيا يوم الجمعة قبل اجتماع مرتقب لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.
وقال أحد المسؤولين إن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني “تجري اتصالات هاتفية” أيضا، محذرا من أن إيطاليا ستواجه “غزوا من المهاجرين” في الأشهر المقبلة إذا لم تحصل تونس على المال.
ووصل إلى إيطاليا عدد قياسي بلغ 20046 مهاجرا بالقوارب حتى الآن في عام 2023، مما يجعل الدولة عرضة لتسجيل ما يفوق العدد القياسي الذي وصل إليها من المهاجرين بقوارب متهالكة في عام 2016، وهو 181 ألفا و436 مهاجرا.
ووفقا لبيانات غير رسمية للأمم المتحدة فإن 12 ألفا ممن وصلوا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام جاءوا من تونس، مقابل 1300 في الفترة نفسها من عام 2022، وهو تكرار لنمط سابق كانت ليبيا خلاله نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين.
وقال تاياني “لا يمكن الحد من الهجرة غير الشرعية الخارجة عن نطاق السيطرة سوى بتحسين ظروف الأمن والاستقرار الاقتصادي”، مضيفا أن إيطاليا تتطلع إلى تعزيز فرص التدريب للتونسيين كبديل للهجرة.
“مجبرون على الفرار”
قال مسؤول حكومي في روما إن الوضع معقد، معترفا بأن غالبية الذين غادروا من تونس هذا العام كانوا من سكان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الذين قرروا التوجه إلى أوروبا نتيجة حملة إجراءات صارمة هناك تستهدف الغرباء.
وقال سعيد الشهر الماضي في تعليقات لاقت انتقادات على نطاق واسع من المنظمات الحقوقية والاتحاد الأفريقي إن الهجرة بلا وثائق القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء هي مؤامرة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في تونس. وأمر قوات الأمن بطرد أي مهاجر يعيش في تونس بشكل غير قانوني.
وأشار مسؤول كبير في الأمم المتحدة إلى أن هذا أجبر الناس على الفرار من تونس، حتى لو لم تكن لديهم نية قبل ذلك للعبور المحفوف بالمخاطر إلى أوروبا.
وتصدرت ساحل العاج دول الأصل التي جاء مهاجرون من مواطنيها إلى إيطاليا هذا العام بواقع 3223 مهاجرا، تليها غينيا بواقع 2906 مهاجرين. وقال مسؤول الأمم المتحدة إن معظم هؤلاء غادروا من تونس. بينما وصل 1535 تونسيا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام.
وقال تاياني “إن استقرار وازدهار تونس إلى جانب احترام الحقوق والحريات الأساسية أمران حاسمان لاستقرار منطقة البحر المتوسط بأسرها”.
وتولت ميلوني منصبها في أكتوبر تشرين الأول مع وعد بتقليص تدفقات الهجرة غير الشرعية، لكن الأعداد زادت منذ ذلك الحين.
وصارت القضية أكثر حساسية بعد أن لقي ما لا يقل عن 86 مهاجرا حتفهم في غرق سفينة قبالة سواحل جنوب إيطاليا أواخر الشهر الماضي، مما أثار اتهامات بعدم بذل جهود كافية لإنقاذهم، وهو ما نفته الحكومة.