تُعد مسلة الفيوم من أبرز المعالم الأثرية في محافظة الفيوم، إذ تستقبل الزائرين بارتفاعها الشاهق ورسوماتها الفريدة المحفورة على سطحها. تقع المسلة في مدخل المدينة، حيث أصبحت علامة مميزة لأشهر ميادين المحافظة، وتحمل في طياتها قصة اكتشافها المذهلة.
اكتشاف المسلة
تم العثور على المسلة في قرية أبجيج، الواقعة على بعد كيلومترات قليلة من مدينة الفيوم، حيث اصطدم محراث أحد الفلاحين بجسم صلب أثناء حرثه للأرض. وبعد التنقيب، تبين أن هذا الجسم هو مسلة ضخمة مدفونة تحت الأرض. لم يتردد الفلاح في إبلاغ السلطات الأثرية، ليتم استخراجها ونقلها إلى مدخل مدينة الفيوم في عام 1972، حيث أصبحت جزءًا من هوية المحافظة.
تصميم فريد يميزها عن مسلات مصر
على عكس المسلات المصرية التقليدية التي تتميز بقمة هرمية، فإن مسلة الفيوم لها قمة مستديرة تحتوي على تجويف مربع بعمق 40 سم، يُعتقد أنه كان يُستخدم لتثبيت تمثال أو رمز ديني. وتعود المسلة إلى عصر الدولة الوسطى، وتحديدًا عهد الملك سنوسرت الأول من الأسرة الثانية عشرة، الذي أقامها تخليدًا لتحويل الفيوم إلى منطقة زراعية.
تتكون المسلة من حجر الجرانيت الوردي، وتزينها نقوش تجسد الملك سنوسرت الأول مرتديًا تاج الجنوب وتاج الشمال، وهو يقدم القرابين للآلهة، مثل سوبك، رع، وأوزوريس، في مشاهد ترمز إلى توحيد مصر العليا والسفلى.
تاريخ النقل والترميم
- في الخمسينيات، بدأت مناقشات لنقل المسلة بسبب موقعها المعزول وسط الأراضي الزراعية.
- في أوائل السبعينيات، قامت هيئة الآثار بترميمها ونقلها إلى ميدان المسلة بمدينة الفيوم.
- كانت المسلة في الأصل مقسمة إلى ثلاث قطع، وتمت إعادة تجميعها وتركيبها في موقعها الحالي.
مطالبات بنقل المسلة مجددًا
مع مرور العقود، أحاطت المباني الشاهقة بالمسلة، مما أدى إلى حجبها عن الأنظار، بالإضافة إلى تعرضها للتلوث البيئي بسبب حركة المرور الكثيفة في الميدان. لهذا، طالب العديد من الأثريين بنقلها إلى موقع أكثر ملاءمة، مثل مدخل المحافظة في كوم أوشيم أو ميدان عبد المنعم رياض، لضمان الحفاظ على هذا الأثر الفريد للأجيال القادمة.
رمز أثري يحمل بصمة التاريخ
تظل مسلة الفيوم شاهدًا على عظمة الحضارة المصرية القديمة، إذ تجمع بين الأهمية التاريخية، والفنية، والرمزية الدينية، مما يجعلها كنزًا أثريًا يستحق الاهتمام والحماية.