قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، تعتبر الأخلاق أساسية في الإسلام وتحظى بأهمية كبيرة في حياة المسلمين، وخاصة في اختيار الشريك المناسب للزواج.
فالإسلام يعتبر الزواج عقداً شرعياً يقوم على مبادئ وأسس إسلامية، ومن أهم هذه المبادئ والأسس هي الأخلاق. ويعتبر الدين المقياس الأساسي في اختيار الشريك، فالإسلام يشجع على الزواج بين المسلمين المتدينين والذين يتمتعون بالأخلاق الحميدة، ويحث على تجنب الزواج من غير المسلمين أو المسلمين الذين لا يتمتعون بالأخلاق الحميدة.
ويحث الإسلام على اختيار الشريك المناسب الذي يتمتع بالصفات الحميدة مثل الصدق والأمانة والتسامح والتعاون والرحمة، ويحث على تجنب الشريك الذي يتمتع بالصفات السيئة مثل الكذب والخيانة والانانية والعناد والغضب. وبالإضافة إلى ذلك، يحث الإسلام على احترام حقوق الزوجة وتوفير الحياة الكريمة لها، وعلى مساعدتها في القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها في الحياة الزوجية.
ولذلك، يعتبر الأخلاق هي الدين في اختيار الزوجة والشريك المناسب للزواج، ويجب على المسلمين الاهتمام بتعلم الأخلاق الحميدة وتطبيقها في حياتهم اليومية وفي اختيارهم للشريك المناسب للزواج.
وأكد أن الغرض من وراء هذا التحليل السريع لمعنى الدين، أنه والأخلاق أمر واحد، فحين نعدد صفات المرأة التي تدعو إلى الاقتران بها، ونذكر منها وصف الدين، فإننا نقصد من الدين هذا المعنى المرتبط بالأخلاق، والذي يدورُ معه الدِّين وجودًا وعدمًا، فإذا صحَّت الأخلاق صَحَّت العبادات وصحَّ التدين.
ولفت إلى أهمية أن نعلم أن كل ما قيل في اختيار شريكة الحياة يُقال مثله في اختيار الفتاة شريكَ حياتها، من عدم الانبهار بالثروة أو الشكل أو وجاهة الأُسرة، والأمر هنا أكثر خطرًا وأشد خوفًا، لأن أسباب الاضطرابات التي يُخشى منها على استقرار الأُسرة متجمعةٌ -هذه المرَّة- في يد الزوج الذي تُغريه ثروته أو وسامته بالطلاقِ أو التعدد.
وأشار إلى اهتمام الإسلام بالأسرة وعدم إجبار الفتاة على التزوج بمَن لا تُحِب أو لا تشعُر بالميل إليه، وتحريم ذلك تحريمًا قاطعًا على أولياء أمور الفتيات، وهذا النوع المؤلم من الزواج كان موجودًا إلى عهدٍ قريبٍ، وكان يُمثِّل حالة من حالات تغلب العادات والتقاليد على أحكام الشريعة.
وأضاف أن الإسلام لا يبيح للفتاة أيضًا أن تختار شابًا غير كفء لها ولا لعائلتها ثم تفرضه عليهم باسم الشريعة وحرية الاختيار، وعليها أن تعلم أنها عضو في أسرة، وأن الحكم الشرعي هنا متساوٍ.
وذكر أنه من اهتمام الإسلام بالأسرة نهيه أن يخطب الشاب على خطبة شاب آخر، وأن من يرغب في ذلك فعليه أن ينتظر إتمامَ الخطبة فينصرف عن المخطوبة أو فسخَها فيتقدم إليها، والحديث النبوي صريح في ذلك الأمر: «لا يخطِبُ الرَّجلُ على خِطْبةِ أخيهِ، حتى يترك الخاطبُ قبله، أو يأذَن له الخاطب»، والنَّهيُ هنا للتحريم، إذ هو حُكْم الأخلاق التي بُعِثَ نبي الإسلام ﷺ ليتمِّم مكارمها.
وقال شيخ الأزهر: “إن من اهتمام الإسلام بالأسرة أن جعل مسؤولية الأسرة مسؤولية شرعية مشتركة بين الزوج والزوجة، وليست مسؤولية قانونية، ومعنى المسؤولية الشرعيَّة هي استحقاق الثواب أو العقاب، فهي مسؤولية مراقبة ومسجّلة، وتفضي بصاحبها إما إلى رضا الله، وإما إلى غضبِه، وإذا كان المسلم ليس حرا في أن يكون شريرًا خارجًا على حدود الله وحرماته في غير نظام الأسرة، فهو بالأَحرى ليس حرًا في الخروج على الحدود التي حددها الشرع في معاملة الأسرة، أو التهاون في المسؤولية الشرعية التي أناطها الله تعالى بالزوج والزوجة على السواء”.
وأوضح أن كلا من الزوج والزوجة ليس حرًا في معاملة الآخر حسب الأمزجة، أو حسب دواعي الكراهية أو العناد، وإنما هنالك المسؤولية الشرعية وبعدها الثواب أو العقاب، وأن هذه المسؤولية الشرعية بما تدعو إليه من إيثار المعاملة بالمودة والتقدير المتبادل كفيلة بحماية عشِّ الزوجية واستقراره، وأن المعاملة في إطارِ المودة والرحمة والعشرة بالمعروفِ هي صانعة السعادة التي لا تُكتَسب من الأشياء، ولا تُجتلب من المقتنيات، وإنما يفيض بها القلب حين تنبع من أعمق أعماقه.