شن السياسي الليبرالي، حسام علي، هجوما حادا على الحركة المدنية وقوى ثورية وشخصيات عامة وعلى رأسها حزب المحافظين، بسبب الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس عبد الفتاح السيسي من قبل، حيث اعتبر أن أحزاب الحركة المدنية لا تمتلك أي قواعد شعبية أو أي أوزان نسبية، وتمارس سياسة الإقصاء والتهميش وفرض الرأي على أبناء المعارضة.
وقال «علي» في مقال رأي اختص به «الاتجاه»، إن الحركة المدنية تدعي امتلاكها صكوك الوطنية والولاء والحق الحصري للحديث عن مصالح الناس، مطالبا إياها بالتراجع خطوات لصالح جيل لا يستخدم الحناجر ولديها أدوات قادرة على التفاوض والإنجاز.. وإلى نص المقال.
إن ما يتردد هذه الأيام من أحاديث تحوم حول الحدث السياسي الأبرز منذ عقد تقريبا وهو الحوار الوطني الذي انطلق أخيرا بعد عام كامل من دعوة الرئيس السيسي إليه، هو أمر طبيعي للغاية، فبعد سنوات من غياب السياسة والسياسيين والمنصات الحزبية والإعلامية عن الساحة السياسية وخفوت كل الأصوات المعارضة لأسباب تعددت وتوحدت نتيجتها السلبية إلى أن جاءت الدعوة كإلقاء الحجر في بركة أسنت مياهها وكادت الحياة فيها أن تموت إلا من بقايا هزيلة منهكة أرهقها غياب الشمس والحركة فبدت كالمتيبسة لا تكاد تجيد ركوب الموجة الجديدة.
وبعد أن ظن الجميع أن المعارضة، «التي حاولت من قبل جمع نفسها تحت مظلة تكاد تحميها من كل النكبات أسمتها الحركة المدنية»، قد ماتت إلا أنها أبدت حركة خافته جعلتنا نظن أنها ما زالت على قيد الحياة.
وظلت الحركة المدنية تجتمع لمدة عام كامل وتستعد للمشاركة في الحوار الوطني دون إعلان رسمي عن موافقتها على الحضور وقدمت شروطا قالت إنها لن تحضر بدون تنفيذها وتفاوضت الحركة مرارا وتكرارا وتحقق الكثير من الطلبات ولم يتحقق أيضا الكثير، ويبدو أن ما لم يتحقق قد ترك للحوار كي يكون ضمن مخرجاته.
وفي الساعات الأخيرة وقبل انطلاق الجلسة الافتتاحية للحوار وفي ظل عدم وضوح موقف الحركة المدنية، إن كانت ستشارك أم ستقاطع، قررت مجموعة من الشخصيات العامة أغلبهم ليبرالي «كانت قد أعلنت من قبل داخل وخارج الكيانات التي تنتمي لها سواءً كانت أحزابا أو حركات أو حتى داخل اجتماعات الحركة المدنية عن نيتهم المشاركة في الحوار الوطني كحاملين لأفكار المعارضة المصرية.
وتم عقد جلسة مع الأمانة الفنية للحوار الوطني وقد كنت أحد حضور لهذه الجلسة والتي بدأناها بالحديث عن حرصنا الشديد على حضور الحركة المدنية والتأكيد على عدم قبول أن يتم القبض على أي مصري بسبب رأيه والتأكيد على تضامنا الكامل مع طلبات الإفراج التي تقدمت بها الحركة الحقوقية والحركة المدنية وانتهى اللقاء ببيان شامل جامع لكل ما يدور داخل صدور المصريين من شجون وآمال.
وبعد عدة ساعات انقلبت فيها الأمور رأسا على عقب وانتشرت دعوات الهجوم والتخوين من قوى ثورية زاملناها أو أحزابا انتمينا إليها مطالبين كل من حضر أن يعلن توبته وأن يطلب الصفح والمغفرة عما ارتكب من إثم بعدم انتظار ما يصدر عن كتاب الوحي في معبد ادعى امتلاكه صكوك الوطنية والولاء والحق الحصري للحديث عن مصالح الناس.
فرأينا انتقادات من حزب المحافظين خصوصا والذي كان نصف حضور الاجتماع مع الأمانة الفنية من قياداته !!.
ثم ازداد الهجوم من باقي أحزاب ورموز الحركة المدنية عموما ومن تكتلات ثورية ومن شخصيات عامة مثل الأستاذ هشام قاسم وغيرهم
لا أدري لماذا تكون لغة خلافات هذا الفصيل من المعارضة هي نفس اللغة التي يشتكون منها حين يذيقهم النظام إياها!!!
مثلما ذكر الأستاذ حسين عبدالغني المتحدث السابق باسم المرشح الرئاسي حمدين صباحي في مقالة له إن ما أقدم عليه هؤلاء الشخصيات هو بمثابة طعنة من الخلف أجبرت الحركة المدنية على الحضور رغم عدم تحقيق شروطها!!
وهنا يبرز التساؤل عن سبب حضور الحركة المدنية رغم التأكيد على المقاطعة ما لم تتحقق مطالبها!!
هل السبب هو تنازلها عن هذه المطالب؟!
هل السبب هو الشعور بانسحاب الدور الحصري الذي تدعي أنها تملك صكوكه للمعارضة لصالح مجموعة من شباب جيل الوسط الذين يحملون نفس الأفكار ونفس الطلبات ولا يرضون أساليب هذا الجيل التي يمتلئ بالحناجر وتغيب عنه مهارات التفاوض والإنجاز والرغبة الأكيدة في المحاولة تلو الأخرى؟!
هل السبب هو شعورهم بالخوف من عقاب الرأي العام لهم بالتجاهل بعدما لمس ضعف أدواتهم وموهبتهم؟
أم أن السبب أنهم لم يكونوا جادين بما يكفي عند طرح هذه الشروط وأنها كانت فقط للمزايدة المعتادة منهم خلال عقود طويلة؟
أيضا وبعد مشاركة الحركة المدنية ألا يحق لنا كأبناء للمعارضة أن نفهم كيف تم وضع قواعد التصويت حتى يصلوا لهذا القرار الذي تعارض مع كل تصريحات قياداتهم في السر والعلن؟
هل من الممكن أن نعرف وبشفافية الوزن النسبي للأحزاب داخل الحركة؟
كيف يكون لأحد الأحزاب 6 أصوات ولحزب اخر صوتين؟
ما هي لعبة تصويت الشخصيات العامة التي يبدو أنها رجحت التصويت بالمشاركة؟
كيف يكون لحزب مكون من صوتين أن يصوت أحدهم مع المشاركة والأخر مع المقاطعة؟
أما يكفي هذا العبث في الحياة السياسية؟
أما آن الأوان لكهنة هذا المعبد العتيق أن يتراجعوا خطوات أو يعتزلوا لصالح جيل له أدوات وأدبيات مختلفة أكثر اتساقا مع الواقع ولا تستخدم الحناجر كما استخدمتها هذه الأجيال السياسية التي كونت كل خبراتهم من تفاعلات فاشلة مع القضية الفلسطينية؟ بل وقد جعلوا كل قضاياهم مثلها؟ فكم من فرص أضاعوها بلا طائل؟
إنني أتوقع صعوبات كثيرة سنواجهها في جلسات الحوار الوطني ولن تكون فقط من أصحاب الرأي الآخر ولكن الصعوبات أيضا ستكون ممن ينتمون لنفس تيارنا المعارض والذين يصرون على التمثيل الحصري للمعارضة.
إن الجيل الجديد من المعارضة يعلم أن الطريق طويل وشاق ولكن هذا الطريق هو كل ما لدينا وقد قرر هذا الجيل أن يسلكه من أجل مصر حرة وعزيزة ومستقرة.