تصدر مؤخرًا عبد الرحمن منيف، الكاتب والصحفي والسياسي المعروف، نتائج محرك بحث جوجل، مما أثار تساؤلات حول هويته وسجل أعماله المميزة.
عبد الرحمن منيف ولد في عمان، الأردن عام 1933، لأب سعودي وأم عراقية. وقد درس في الأردن حتى حصوله على شهادة الثانوية العامة، ثم انتقل إلى بغداد حيث التحق بكلية الحقوق عام 1952، وهناك انخرط في النشاط السياسي وانضم إلى حزب البعث، إلا أنه تعرض للطرد من العراق بعد التوقيع على حلف بغداد عام 1955، وتم طرد العديد من الطلاب العرب في ذلك الوقت، وبعد ذلك، انتقل عبد الرحمن منيف إلى القاهرة لاستكمال دراسته هناك، وفي عام 1958، قرر الانتقال إلى بلغراد لمواصلة تعليمه، حيث حصل على درجة الدكتوراه في اقتصاديات النفط.
منذ دخوله إلى عالم النشاط السياسي في العراق خلال فترة حاسمة في تاريخه، واجه عبد الرحمن منيف العديد من التحديات، تم طرده من العراق بعد توقيع حلف بغداد عام 1955، وهذا التطور أدى أيضًا إلى طرد العديد من الطلاب العرب الآخرين.
انضم عبد الرحمن منيف إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وأصبح عضوًا في القيادة القومية لبعض الوقت، ومع ذلك، قرر الابتعاد عن السياسة المنظمة بعد مؤتمر حمص في عام 1962، بدأ يعبر عن معارضته للأنظمة العربية، سواء الملكية أو الجمهورية، وذلك بواسطة النقد السياسي في أعماله الأدبية.
عاد منيف إلى العراق مرة أخرى في عام 1975، ثم غادر إلى فرنسا في عام 1981 لكي يكرس وقته للكتابة، وذلك خلال بداية الحرب العراقية الإيرانية، وفي وقت لاحق، أعرب منيف عن عدم اقتناعه بمشروعية تلك الحرب، حيث كانت حربًا غير مبررة ولا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال، وبالتالي، لم يكن لديه توافق معها، واستمر في معارضته للإمبريالية بجميع أشكالها حتى آخر أيامه، وظل يرفض الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 وكل ما تبعه من تداعيات، على الرغم من معارضته لصدام حسين.
بهذا النهج السياسي الثابت والمعارضة للتدخلات الأجنبية والنظم القمعية، ترك عبد الرحمن منيف بصمته الخاصة في المشهد السياسي العربي.
علاقته بالسعودية
في منتصف التسعينيات، حضر بعض أفراد عائلة الكاتب عبد الرحمن منيف إلى مكتب ولي العهد السعودي، الأمير عبد الله، حيث قدموا طلبًا يطلبون فيه السماح له بالعودة إلى المملكة، وأصدر الأمير عبد الله توجيهاته إلى الشيخ عبد العزيز التويجري، النائب الثاني لرئيس الحرس الوطني، للعمل على عودة الكاتب السعودي وتذليل جميع العقبات التي تحول دون عودته.
وفي باريس، التقى الكاتب عبد الرحمن منيف مع الطيب صالح وبلال الحسن، حيث قدما له ما صدر عن ولي العهد السعودي ورسالة من الشيخ عبد العزيز التويجري، أبدى استحسانه وقبوله واستعداده للسفر إلى المملكة، ولكنه طلب منهما إعطاءه وقتًا للتفكير وتسوية بعض الأمور المتعلقة بعودته. وبسبب تردده في الرد، تأخر القرار، وعندما تمت محاولات أخرى للاتصال به، تبين أنه قد تراجع عن قرار العودة.
ظلت المحاولات المستمرة لعودة عبد الرحمن منيف إلى المملكة تتواصل، سواء من قبل بعض أفراد عائلته أو المهتمين بالحركة الأدبية، ولم تكن العراقيل تعترض تلك المحاولات سوى رفض الكاتب نفسه، حيث فتح المسؤولون في المملكة أبواب العودة له على مصراعيها.
ومع ذلك، كان عبد الرحمن منيف يخشى القبض عليه فور عودته إلى المملكة بسبب تعمد استخدامه للمملكة السعودية كمادة أساسية في كتاباته، خاصة في أعماله “مدن الملح” و”شرق المتوسط”.
عندما أُصيب منيف بفشل كلوي وتدهورت حالته الصحية، حاول عدد من السعوديين تخفيف أعباءه ومد يد العون له بطرق غير مباشرة، وفي إحدى الزيارات إلى المستشفى الأمريكي في بيروت، قدم له عرضًا لشراء نسخ من أعماله، وقبل منيف العرض في البداية. ومع ذلك، في اليوم التالي، عندما أراد المشتري تسليم المبلغ المتفق عليه، رفض عبد الرحمن منيف هذا العرض، معتبرًا أن المبلغ هو محاولة لشرائه، ورفض أن يبيع نفسه. على الرغم من أن النية الصادقة للمشتري كانت تهدف إلى مساعدته في التغلب على مشاكله المالية.