:
في السنوات الأخيرة، شهدت جرائم انتحال الصفة تطورًا خطيرًا، وتحديدًا تلك التي تستهدف العملاء الأبرياء في البنوك، حيث باتت واحدة من أبرز الوسائل التي تلجأ إليها عصابات النصب لسرقة أموال المواطنين دون الحاجة إلى استخدام القوة أو السلاح.
لكن كيف تعمل هذه العصابات؟ ومن يقف وراءها؟ ولماذا ازدادت هذه الجرائم بشكل لافت في الآونة الأخيرة؟

التحقيقات الأخيرة التي تباشرها الجهات المختصة كشفت النقاب عن تفاصيل مروّعة حول إحدى هذه العصابات التي تخصصت في الاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني من المواطنين. أربع متهمين فقط، تمكنوا من النصب على عدد كبير من العملاء عبر طرق منظمة واحترافية لا تقل خطورة عن الجرائم الإلكترونية الكبرى على مستوى العالم.
الفكرة الرئيسية التي اعتمدوا عليها بسيطة لكنها خادعة: انتحال صفة موظفين بخدمة عملاء البنوك. حيث يقوم المحتالون بالاتصال بالضحايا هاتفيًا، مدّعين أنهم من القسم المختص بتحديث بيانات الحساب أو البطاقة البنكية. يستخدمون لغة رسمية ونبرة مطمئنة، ويعرضون بعض المعلومات البسيطة عن الضحية لإضفاء المصداقية على مكالماتهم.
بمجرد أن يطمئن الضحية، يبدأ المحتال بطلب معلومات دقيقة، مثل الرقم الكامل للبطاقة البنكية، تاريخ الانتهاء، الكود السري (CVV)، أو حتى رمز التحقق الذي يصله برسالة قصيرة. وفي لحظة غفلة، تُمنح العصابة المفتاح الكامل لحساب الضحية.
لكن ما الذي يفعلونه بهذه البيانات؟
وفقًا لما جاء في التحقيقات، استخدم المتهمون البيانات المستولى عليها لإجراء عمليات شرائية على مواقع التسوق الإلكتروني. كما قاموا بتحويل الأموال من الحسابات البنكية إلى محافظ مالية إلكترونية على بعض شركات المحمول، وهي عملية صعبة التتبع نسبيًا، ما يجعل استرداد الأموال أكثر تعقيدًا.
اللافت أن العصابة اتخذت من شقة سكنية وكرًا لمزاولة نشاطها، وزودوها بأجهزة مخصصة، وهواتف محمولة متصلة بتطبيقات إلكترونية متعددة. وعند ضبطهم، عثرت السلطات بحوزتهم على عدد من الهواتف تحتوي على صور لبطاقات دفع إلكتروني تم الاستيلاء عليها، بالإضافة إلى أرشيف كامل لمواقع التسوق التي تم استخدامها في عمليات الشراء الاحتيالية.
كما ضُبطت إيصالات سحب إلكتروني لمحفظة مالية باسم إحدى شركات المحمول، ما يشير إلى أن الأموال التي تمت سرقتها لم تذهب فقط إلى شراء منتجات، بل تم تحويلها إلى أدوات دفع بديلة لتصعيب عملية التتبع أو الاسترداد.
في اعترافاتهم، أقر المتهمون بصحة ما جاء في التحريات الأمنية، مؤكدين أنهم قاموا باستهداف عدد من الضحايا عبر الإنترنت، ورسائل البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى المكالمات الهاتفية.
هذا النوع من الجرائم لا يعد جديدًا على الساحة، لكنه أصبح أكثر انتشارًا مع توسع الاعتماد على الخدمات البنكية الرقمية وتزايد استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني في عمليات الشراء والتحويل.
وهنا تكمن الخطورة الكبرى: الجاني لا يحتاج إلى اختراق أنظمة البنوك أو سرقة فعلية، بل يحتاج فقط إلى “ثقة الضحية”.
لهذا، يجب توعية المجتمع بهذه الحيل الإجرامية، وتذكير المواطنين دومًا بأن موظفي البنوك لا يطلبون أبدًا بيانات البطاقة البنكية أو الرموز السرية عبر الهاتف أو الرسائل النصية. وأي محاولة للقيام بذلك هي علامة حمراء على أن هناك محاولة نصب قيد التنفيذ.
وفي ظل انتشار هذه الجرائم، تبذل الجهات الأمنية جهدًا كبيرًا في ملاحقة هذه الشبكات، ولكن يبقى الوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول، بل والأهم.
في نهاية هذا التقرير، نوجه لك هذه النصائح المهمة:
-
لا تشارك بياناتك البنكية مع أي جهة غير موثوقة.
-
تجاهل أي مكالمات تدّعي أنها من البنك وتطلب منك إدخال بيانات البطاقة أو أرقام التحقق.
-
راجع حسابك البنكي بشكل دوري، وأبلغ فورًا عن أي عملية غير معتادة.
-
استخدم خدمات التحقق بخطوتين، وتطبيقات الحماية الخاصة بالبنوك.
-
وأخيرًا: إذا كان لديك أي شك، تواصل مع البنك من خلال الرقم الرسمي الموجود على ظهر بطاقتك البنكية.
كانت هذه نظرة شاملة على واحدة من أخطر جرائم النصب الحديثة في مصر، والتي تستهدف المواطن البسيط من خلال الثقة، والأرقام، وواجهة زائفة من “خدمة العملاء”.
وفقًا لما جاء في التحقيقات، استخدم المتهمون البيانات المستولى عليها لإجراء عمليات شرائية على مواقع التسوق الإلكتروني. كما قاموا بتحويل الأموال من الحسابات البنكية إلى محافظ مالية إلكترونية على بعض شركات المحمول، وهي عملية صعبة التتبع نسبيًا، ما يجعل استرداد الأموال أكثر تعقيدًا.
اللافت أن العصابة اتخذت من شقة سكنية وكرًا لمزاولة نشاطها، وزودوها بأجهزة مخصصة، وهواتف محمولة متصلة بتطبيقات إلكترونية متعددة. وعند ضبطهم، عثرت السلطات بحوزتهم على عدد من الهواتف تحتوي على صور لبطاقات دفع إلكتروني تم الاستيلاء عليها، بالإضافة إلى أرشيف كامل لمواقع التسوق التي تم استخدامها في عمليات الشراء الاحتيالية.